Français
English
 

 

 

ليبيا المكونات الثقافية

بقلم محمد شنيب - AmazighWorld.org
بتاريخ : 2017-12-07 10:29:00


المكونات الثقافية في أي منطقة من العالم هي التي تشكل التركيب الإجتماعي الشامل والشكل الثقافي للشعب.وكلما تعددت المكونات في أي مجتمع كلما زادت فسيفساء الثقافة وأصبح المجتمع متعدد وغنيآ بثقافات هذه المكونات التي تشكله.

والمكون الثقافي هو بالأساس إنتماء له أبعاد تاريخية أصلية في تركيبة المجتمع والتي يتشكل منها الشعب وهو الذي يكون الهوية الوطنية الأساسية لأي مجتمع.

وكل شعوب العالم تداخلت ثقافاتها وعاداتها وتركيبتها الإجتماعية لتكون مجتمعات اليوم المتواجدة.
والمجتمع الليبي ليس إستثناء في هذه الرقعة من العالم توالت عليه ثقافات البحر الأبيض المتوسط إبتداء من الفينيقين وإنتهائاً بالإستعمار التركي المعروف بالعثماني مروراً بالإغريق والرومان والڤندال (قبائل همجية من وسط أوروبا تمكنت من الغلبة على الإمبراطورية الرومانية وإستقرت في ليبيا لفترة تناهز المأة عام) والبزنطينين والعرب المسلمين والأسبان وفرسان القديس يوحنا في غرب ليبيا ولفترة وجيزة وبعد الإستعمار التركي جاء الإستعمار الطلياني ولمدة لا تزيد على الثلاثين سنة...

ولا ننسى التعامل التجاري الذي كان مستمرا عبر التاريخ مع دول جنوب الصحراء والذي يظهر جليا في وجود المكون الطارقي والتبوي...

ولا شك أن كل هذه الثقافات كان لها أثر وبقايا في التكوين الإجمالي لسكان ليبيا الأصلين ومن ثم تعرض مثله مثل بقية المجتمعات إلى عامل الإختلاط الإجتماعي والثقافي. ويبقى سكان ليبيا الأصلين هم أساس هذا المجتمع أو المكون الثقافي الأساسي ألا وهو المكون الأمازيغي.

فالمجتمع الليبي قد تلون بمجموع هذه الثقافات التي أصبحت أطيافها تشكل الواقع الثقافي والمجتمعي الليبي.
ومن ثم فإن المكون الأ ساسي في ليبيا المكون الأمازيغي الذي يشكل الأصل والذي تم إنصهاره ، كبقية مجتمعات العالم ، فيالثقافات الوافدة التي مرت عليه في مسيرته التاريخية بأحد وعطاء ليتكون المجتمع الليبي اليوم.

إذا تركيبة المجتمع الليبي ليس من الصحيح أن تؤخذ بنسبة التعداد البشري والإنتماء لهذا التكوين أولذاك،فليبيا اليوم جغرافيآ بمجتمعها تقع في الشمال الإفريقي وتطل على البحر الأبيض ولها عل هذا البحر أطول شط وعمقها يصل إلى النيجر وتشاد والسودان وتحادي غربا بقية دول المغرب الكبيرواللذي هي جزء منه بل إن إسم ليبيا قديمآ كان يطلق على كل بلاد المغرب الكبيروالتي تقع غرب مصر الدولة المشرقية المحادية لليبيا.

دولة ليبيا ذات التلون الثقافي الشامل لكل الثقافات التي مرت بها وإختلطت وإحتكت مع سكانها لتشكل هذا المجتمع بتركيبته وألوانه الثقافية المتعددة الأطياف التي تداخلت مع المكون الأمازيغي الأساسي الأصلي والذي لا يصح وصفه بالأحادية وتسميته بالعربي.

القول بأنه مجتمع عربي يجرنا إلى إطفاء الطابع الأحادي الإثنية والعرب /المسلمون لا يشكلون إلا أحد المكونات التاريخية والثقافية والتي لا شك أنها أثرت في الثقافة الإجتماعية لهذا المجتمع مثلها مثل بقية الثقافات الوافدة الأخرى التي وفدت إلى هذه الرقعة من الشمال الأفريقي...فمن الناحية الجغرافية العرب هم سكان شبه الجزيرة العربية وموقع ليبيا هو بحر متوسطي أفريقي. تاريخيا كما ذكرت تم الوفود إلى سكانها الأصليين ثقافات مختلفة وتفاعلت معها وتداخلت هذه الثقافات مع سكانها الأصليين.فالتاريخ وآثار الثقافات من إغريقية ورومانية مازال موجودا ومشهودة في المدن الأثرية والتي مازالت قائمة كمدينة شحات الأغريقية ومدينتي لبدة الكبرى وصبراتة على الساحل الليبي.

الفكر الأحادي العربي ونتيجة لبقاء اللغة الليبية والتي هي بالأساس تستعمل اللغة العربية (لغة قريش) كم سماها عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين في مؤلفه "تاريخ الأدب الجاهلي الجزء الأول" في القرآئة والكتابة هو الذي إستخدمه هذا الفكر الأحادي (الغير عصري) في تبرير تعريب ليس ليبيا فقط بل إمتد إلى بقية المغرب الكبير.ومن المعروف أن إنتشار اللغة العربية (لغة قريش) كان سببه القرآن اللذي جاء باللغة العربية وممارسة الطقوس الإسلامية وبالذات الصلاة والتي تتطلب اللغة العربية.

إن أحادية المجتمع من جميع النواحي ترفض التعددية سواء كانت إثنية عرقية وثقافية ودينية وسياسية وهذا يوئدي إلى جمود المجتمع من هذه النواحي والذي سيؤدي إلى طمسها وكمثال على ذلك لنأخذ مجتمعنا الليبي والذي أصبحت تختفي فيه الكثير من التنوعات الثقافية والفنية والتي كانت تزاول فيه وكان ممكنا تطويرها وليس بشكل أحادي فالغناء الأمازيغي والذي كان معروفا في المناطق الأمازيغية بإسم "بوطويل" وطريقة العرس الأمازيغي ووجود أكلات لا توجد إلا في ليبيا وفي بقية دول المغرب الكبير وبالذات وفي مناطق الأمازيغ والتي كانت تختلف عن نظيراتها في المناطق الغير أمازيغية وكان العرس الأمازيغي مختلطآ حيث تجلس فيه العروس وسط النساء قبالة العريس الذي يجلس وسط الشباب "العرسان" ويرقص بينهما "الزكار" بأنغام موسيقى القرب ويقوم فيه الشباب بالإعلان عن حبيباتهم واللاتي يرغبون في الزواج منهن من الفتيات الجالسات قبالتهم....الخ

لا شك أن أحادية المجتمع فكرة قديمة متوارثة من القدم وتم تعميقها مع نمو الفكر القومي العروبي في منطقة الشمال الأفريقي والشرق أوسطي وبالذات فترة الخمسينات والستينات بإزدياد إنتشار الناصرية والبعثية.ونحن مازلنا نعيشها ونعاني منها ليس في ليبيا فقط بل حتى في بلدان المغرب الكبير... إن الأحادية لا تعرف إلا أحادية النسيج المجتمعي ولا تعترف بفسيفساء المجتمعات من الناحية الثقافية واللغوية وحتى الدينية ومن تم لا تعترف بحرية الإنسان في الإختيارات المختلفة .. على عكس ما يجري في المجتمعات التي دخلت الحداثة وطبقت الديمقراطية التي تبنى على التعددية في جميع أشكالها معترفة بالتنوع الفكري والثقافي والسياسي والعرقي الإثني وإفساح المجال للإختلاف وإحترام والإعتراف بالآخر أيا كان نوعه.هذه المجتمعات التي لها سمة المجتمع المتحضر الذي يعترف بالحقوق الكاملة لكل مواطنيه بغض النظر على إختلافهم الجنسي (ذكور وإناث) والإثني العرقي واللغوي الثقافي والديني ...

إن الإصرار على أحادية المجتمع هو إصرار على عدم قبول ديناميكية التاريخ ،المتحرك ووتأثير هذا التحرك على المجتمع، وبقائه في مكان غير متحرك ولا يقبل التغير والحركة.هو في حد ذاته إنكار للإعتراف بالتاريخ الإنساني والمتطور المتحرك دوما ويصد الباب لدخولنا مرحلة الحداثة والإنطلاق لعصرنة بلادنا.

معظم المجتمعات اليوم تقبلت التعددية والتنوع ففي بلجيكا هناك الفرنسيين والفلامش وفي سويسرا هناك الجنوب الإيطالي والغرب الفرنسي والشمال الألماني وكندا هناك اللغتين الإنغليزية والفرنسية والتنوع البريطاني من إنغليزي وولشي وسكوتلاندي وإيرلندي ولنا أيضا خير مثال في الهند المتنوعة جدا في الإثنيات والأديان وماليزيا وغيرهم من الدول التي قبلت وإعترفت بالتعددية وبالعلمانية.علينا أن لا نخاف العلمانية لأن العلمانية تعترف بكل الأديان ولا تعادي أي دين بل تعطي الحق للمواطن أن يكون متدينا ولا تخلط الدين بالسياسة والدولة

في ليبيا اليوم علينا أن ننتجه نحو العلمانية والتي تعترف بالتعددية بجميع أنواعها والحداثة إدا أردنا أن نبني ليبيا الديمقراطية والمستقبل...

محمد شنيب
ميلانو إيطاليا


تابعونا على الفايس البوك الجديد

 

 

 
تواصل
انشرها او انشريها على الفايس بوك
مقالات لنفس الكاتب محمد شنيب
ارسل المقال الى صديق
مقال قرئ 5851

تعليقات القراء

هده التعليقات لاتمتل رأي أمازيغوولد بل رأي أصحابها

 
تعليقكم هنا
الاسم
البريد الالكتروني
عنوان التعليق
التعليق
انقل كلمة التحقيق whpbxemm هنا :    
 

 

 

 

 

 

   
   

الجزائر

 
   
مصر  
   
المغرب  
   
جزر الكناري  
   
موريطانيا  
   
ليبيا  
   
مالي  
   
تونس  
   
النيجر  
   
عريضة  
 
 

 

 

 

مقالات اخرى





في طرابلس "أمازيغي" من قلب "سوس"
بتاريخ : 2019-04-22 21:31:00 ---- بقلم : مصطفى منيغ



ليبيا وعوامل فشل الحل السلمي
بتاريخ : 2018-06-11 22:34:00 ---- بقلم : احمد الدغرني


ماذا يريد الأمازيغ في ليبيا
بتاريخ : 2018-03-28 09:01:00 ---- بقلم : محمد شنيب

17 فبراير،ليبيا إلى أين
بتاريخ : 2018-02-01 08:11:00 ---- بقلم : محمد شنيب


الهوية والإنتماء
بتاريخ : 2017-12-25 21:05:00 ---- بقلم : محمد شنيب

العلمانية والديمقراطية
بتاريخ : 2017-12-19 17:57:00 ---- بقلم : محمد شنيب


 

  amazighworld@gmail.com

Copyright 2002-2009  Amazigh World. All rights reserved.