بقلم احمد الدغرني - AmazighWorld.org بتاريخ : 2018-06-01 13:10:00
جمعت رئاسة الجمهورية الفرنسية مؤتمرا حول ليبيا في باريس، يوم 29ماي2018، حول ماسمته بمحاولة إيجاد مخرج للأزمة السياسية التي حصلت في ليبيا منذ سنة 2011، أي بعد سقوط نظام معمر الكدافي، وهو الإجتماع الثاني بعد الأول في 25 يوليوز 2017، حضره فايز السراج الذي يلقب برئيس الوزراء،وهو منحدر من أب كان من وزراء الملك السنوسي الذي أطاح به الضباط القوميون العرب، والضابط العسكري خليفة حفتر، وهو عسكري قومي عربي شارك مع الكدافي في الإنقلاب سنة 1969 ضد الملك ادريس السنوسي، ثم ساءت علاقته مع الكذافي وهرب الى الخارج، وجهزه القوميون في مصر وغيرها ليعيد بناء الحكم القومي العربي الساقط في ليبيا وينتمي الى الإتحاد الإشتراكي العربي الذي أنشأه الناصريون بمصر، وعكيلة صالح الذي يسمي نفسه رئيس البرلمان وهو من قبيلة العبيدات، ويرأس البرلمان في طبرق ، وهو مجلس للنواب انتخب في 25 يونيو 2014، وكان موظفا في جهاز القضاء،في أجهزة الكدافي ،وخالد المشري الذي يرأس مايسمى بمجلس الدولة(ولد بالزاويةومن توجه الإسلاميين في حزب العدالة والبناء)، وبحضور مندوب الأمم المتحدة في ليبياغسان سلمي، وهو سياسي قومي عربي من لبنان ،بحضور حوالي عشرين شخصا مدعوين من طرف فرنسا،من بينهم بوريطة عن المغرب،وأحمد أويحي عن الجزائر.تحت ستار ماسموه "دول الجوار"يعني المغرب وتونس وموريتانيا والجزائر،ودوّل الساحل.....
وهذا الإجتماع لم يسفر عن نتائج ملموسة ،واكتفت فرنسا بإذاعة ماسمته "communiqué politique" لم يوقعه المشتركون في ذلك اللقاء، وبذلك فهو بلاغ غير ملزم للحاضرين، ولكنه مع ذلك يستحق الإنتباه، والدراسة لمعرفة أبعاده السياسية الخطيرة على شمال افريقيا والساحل، و ملابساته في أمور هامة نذكرها كما يلي:
أولا:أنه وقع في بلاد فرنسا، وبمبادرة منها، في ظرفية متابعة رئيس الجمهوريةالفرنسية السابق ساركوزي من طرف القضاء بأنه تلقى مبالغ مالية ضخمة من معمر الكدافي، تبلغ قيمتها حوالي 55.000.000 أورو، كمقابل لدعم حملته الإنتخابية لرئاسة الجمهورية الفرنسية، وإطلاق سراح أحد أقارب الكذافي المسجون بفرنسا حينئذ بسبب إسقاط طائرة، وحصول الكذافي على استقباله بفرنسا استقبال الأباطرة العظام، وبناء خيمته قرب La tour Eiffel بباريس لتهديد معارضيه السياسيين المنفيين الى فرنسا.....وكان من المفروض أن تلتزم فرنسا برد هذه الأموال الى الشعب الليبي، خاصة بعدما صرح كثير من المقربين من معمر الكذافي أن المبالغ نقلت في حقائب نقدا الى رئيس الجمهورية السابق، وحتى لاتعتبر ليبيا المستقبل موردا لتمويل انتخابات رؤساء فرنسا مستقبلا......
ثانيا: إن العشرين شخصاالذين استدعتهم فرنسا للمؤتمر وسمُّوهم "شهود" لم يتم اختيارهم من طرف الشعب الليبي، ولم تعلن لائحتهم الكاملة بواسطة وسائل الإعلام، وحتى يتأكد الليبيون وأصدقاؤهم الحقيقيون من كونهم ليسوا مجرد عملاء لفرنسا وجواسيسهم بشمال افريقيا والساحل...
ثالثا:إن الشخصيات الأربعة(السراج، وحفتر، والمشري، وعقيلة)لايمثلون وحدهم القوى الحقيقية في الساحة الليبية الداخلية، وتريد فرنسا أن تحصر التمثيلية في هؤلاء ،ليصبحوا كما فعلت في مالي، وأزاواض، وبوركينافاسو، وكثيرا من الدول الإفريقية التي تحتلها بقواتها المسلحة،كما أن هؤلاء الأربعة كانت لهم سوابق العمل في نظام حكم الكدافي كماتفي سيرهم المنشورة في وسائل الإعلام.....
رابعا:إن المؤتمر انعقد من أجل مصالح فرنسا، وليس من أجل الشعب الليبي، ومصلحتها الأساسية تتجلى صراحة في ما أكده الرئيس Macron وحصر تمثيلية الشعب الليبي في هؤلاء الأربعة، قصد الاعتماد عليهم في المستقبل بعد إجراء انتخابات مفبركة في دجنبر 2018 تجري بدون أحزاب، وبدون دستور متوافق عليه....
خامسا:إن الأزمة السياسية في ليبيا هي أزمة التمثيلية التي كانت قد نشأت من منع وجود الأحزاب السياسية، والنقابات العمالية في عهد الديكتاتورية، وحاول الليبيون منذ سنة 2011 صياغة نظام تمثيلية سياسية جديدة في المرحلة الانتقالية تنبني على ركيزتين:
1- تمثيلية الجهات، وتمثيلية مكونات التعددية الشعبية مثل مجلس التوبو، ومجلس الأمازيغ، ومجلس الطوارق، والطوائف الدينية كالإباضيين،وتنظيمات الإسلام السياسي المعتدل والمتطرف،وهذا النوع يمثل جذور الشعب وعقائده، ولم تعتبره فرنسا التي استدعت ممثلي المكون القومي العربي المدعوم خاصة من عسكر مصر وبعض دول الخليج ، وأتباع المذهب السني وحده، ممايجعل ،مؤتمرها بعيدا عن الواقع الشعبي في ليبيا.
2- الأحزاب السياسية،وقد تأسس في ليبيا حوالي 130 حزبا سياسيا، لم تعمل الدول التي تدعي أنها ديموقراطية على تنمية التعدد الحزبي ،وهي في نظامها السياسي تعتمد على الأحزاب وتنمي في ليبيا تمثيلية مخالفة للنظام الديموقراطي في دول الإتحاد الأوربي،وتحاول فرض اتفاق الصخيرات(ديسمبر2015) الذي لم يشارك فيه الأمازيغ ،والإباضيين ،والتوبو، والطوارق، والتنظيمات الإسلامية المتطرفة... وبالتالي يظهر أن فرنسا لاتعترف الا بهؤلاء الذين جمعتهم،وانتهت بالفشل.وقد حاولت دول شمال افريقيا إدخال نماذج أحزاب المغرب والجزائر وموريتانيا وتونس الى ليبيا، وهي نماذج تجعل الأحزاب ذيلا للديكتاتوريات، وتقوم بتمييع مفهوم ودور الأحزاب، لكنها لم تستطع إدخال تلك النماذج حتى الآن الى ليبيا، كما حاولت دول الخليج إدخال نماذج الحكم العائلي العشائري المغطى بتنظيمات الحركات الإخوانية الإسلامية والسلفية... الا أنها لم تستطع طمس الإسلام الإباضي الذي تمسك به الليبيون منذ دخول الإسلام الى شمال افريقيا.
سادسا:إن ليبيا تعرف حاليا أنظمة داخلية متقدمة عن جميع أقاليم شمال افريقيا والساحل، من ناحية تطبيق نوع من الحكم الديموقراطي المحلي القوي لدى أمازيغ ليبيا خاصة في زوارا، ونفوسة، وجادو وغيرها، ويوجدبها حكم ذاتي للتوبو، والطوارق ، وتوجد أحلاف وجبهات بين الإسلاميين وغيرهم، وليس هناك غلبة وقهر عنصري متمكن، وهناك تسيير شعبي لثروة البترول التي لم تسيطر عليها دولة مركزية وحدها، وتوجد ممارسة الإسلام الإباضي والمذاهب الأخرى، وهي نموذج يستعصي على هيمنة الدول الأجنبية، ولايقبل سيطرة مركزية داخلية لعملاء الشرق والغرب، وتحاول فرنسا وعملاؤها افشال هذه التجربة .
وعلى شباب شمال افريقيا والساحل أن يستوعبوا تجربة ليبيا الجديدة وهي بلد يفرض فيها الشعب ارادته بتجربة قوية لاتقهر،استمرت بدون ضحايا كثيرين منذسنة 2011.
الرباط في 30ماي2018
تعليقات القراء
هده التعليقات لاتمتل رأي أمازيغوولد بل رأي أصحابها
1 التعليق رقم : Hannibal بقلم : France تحت عنوان : Germany البلد :
فرنسا تنهب خيرات شعوب إفريقيا عن طريق حماية الحكام الفاسدين في تلك الدول؛ لكن تخاف من ألمانيا . والمعروف أن التبادل التجاري بين الدولتين لصالح ألمانيا بأكثر من 40 مليار دولار.